قصص حب مع فيروز
قصص حب مع فيروز
سرت والبنت كفاً بكف خارجين من قاعة المحاضرات بكلية الآداب جامعة القاهرة متجهين لجنينة الأورمان، عام أول فى الحلم والحب.
اتفقنا على بدء اقتصاد جزء من مصروفنا الضئيل لتأسيس عش الزوجية بعد التخرج بأربع سنوات، لا تهمنا مكونات البيت بقدر أهمية الدفء.
وأول ما سيدفئنا الحب وصوت فيروز.
عند انفصالنا لم نتبادل إلا خطابات قليلة ووروداً حمراء جافة.
وكانت حيرتنا هى كومة ضخمة جداً من شرائط فيروز.
لم يكن لدينا اختيار.
كانت فيروز اختيارنا الأول.
واقتسمنا الشرائط وذكرى حب طازج منسى يطفو على سطح القلب مع صوت فيروز
ولقطفلك بس ها المرة بس ع بكرة بس شى زهرة حمرة وبس.
كلهم يغنون بدلاً عنك
يزيحونك
كلك بمشاعرك بأفكارك، يستلمون الميكروفون ويغنون بدلاً منك.
أما فيروز فأجدها، وحدها تغنى معى.
فى الحرب لم أكن أخاف إلا على الأطفال والأشجار وفيروز.
قابلت أحد العاملين بالصليب الأحمر الدولى.
وكان صديقاً لصديق وألححت فى التعرف إليه ومقابلته قبل سفره لمهمة ببيروت أثناء الحرب
بعد ترحاب سريع قلق وحذر منه قدمت له خطاباً أرجوه أن يسلمه للسيدة فيروز يداً بيد
أنا شاب مصرى تفتحت أذناى على إذاعة صوت العرب والشيخ عبدالعظيم زاهر وصوتك، رجاء سيدتى امنحينى شرف الوقوف على باب بيتك وحراستك، لن أكلفك شيئاً سأتصرف فى نومى وأكلى وشربي، وحتى عندما تمرين من البوابة لن أضايقك بالتطلع اليك، مهمتى فقط حمايتك.
سألنى بأدب جم عن محتوى الرسالة.
أخبرته أن المظروف مفتوح ويمكنه القراءة، بعدما عرف المحتوى، قال إنه لا يعرف كيف سيوصل لها الرسالة لكنه سيأخذها معه وقال وهو يبتسم.
نتمنى أن يكون لفيروز فى كل بقعة من لبنان بيت.
تعرف لماذا؟
عندما تخرج بيروت من بيتها يتوقف القصف من جميع الأطراف.
حتى تعود لبيتها
اتقفت كل الأطراف المتناحرة فقط على صيانة فيروز.
كنت ومازلت متوقعاً أو منتظراً رداً من السيدة فيروز على الرسالة حتى ولو بالرفض.
عندما أحب لا أسقط فى فخ المقارنة وأفعل التفضيل وفيروز لم ترضَ لى بذلك، لكن أستاذ علم الجمال وجدنى مع ثلة من أقرانى نابهين لدرجة أن يحتفل معنا وآخرين بليلة رأس السنة وفى بيته الكبير وسط عشرات المحتفلين وقبل دقات الساعة بدقائق صمتنا بناء على طلبه وسؤاله.
بصوت من تحبون استقبال العام الجديد.
تناثرت الأصوات بين الموسيقى الكلاسيك أو المطربين المرتبطة أسماؤهم وصفاتهم بالطيور وبالنجوم والكواكب.
وكنا وحدنا ثلة الطلبة نهتف بصوت واحد فيروز.
حاول الرجل أن يكون ديمقراطياً واستبعد اختيارنا لأننا أقلية، لكننا ذكرناه بأن الذائقة الجمالية كما علمنا فى قاعة المحاضرات لا ترتبط بالكم لكن بالكيف.
وانتهى الحوار الديمقراطى الأصيل بطردنا ثلاثتنا قبل الدقات الشهيرة بدقائق
وسرنا أمام الجامعة ليلاً وشتاءً وحدنا لا أحد إلا أنا وصوت فيروز يدب من داخلنا
ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد
وغنينا وجعرنا فى الشارع واحتفلنا بأكواب عصير قصب طازجة حتى الصباح.
فاتنا حفل الأندلس ولم يتبق لنا إلا حفل سفح الهرم.
يا ويلنا
وما الحيلة
التذاكر أقل فئة بمئات الجنيهات وما زلنا طلبة أو متخرجين
وكانت صدمة شنيعة
فيروز بعد أسبوع فى الهرم ولا نملك ثمن التذاكر
فكرنا أن نجمع المال ونختار أحدنا يذهب ويحكى لنا
فشلت الفكرة طبعاً
الموت أهون من أن يذهب أحدنا وسيكون معذباً بدلاً منا ولن يستمتع
همنا حزانى حتى جاءت الفكرة المضيئة.
هى الست فيروز نازلة فين؟
فى الفندق الكبير جنب المتحف المصرى.
بسرعة ولأقرب كابينة تليفون وبعشرة قروش آلو دليل حولينى من فضلك على الفندق ومنه نحن صحفيين حولينا للست فيروز.
وجاء الصوت
يانهار ملون
آلو شو بتريد
باختصار إحنا طلبة ومتخرجين حديثاً وبنحبك والتذاكر غالية جداً.
كام بيقدر يدفع كل واحد؟
تلاتين جنيه
تيتيتيت تيت تيت
قفلت الخط
الصبح إعلان كبير فى الصفحة الأولى
متاح تذاكر للشباب وللطلبة عدد محدود ثلاثين جنى. الدخول بالكارنيه الجامعي.
فى الحفل وجدنا أصحاب التذاكر الغالية فوق كراس ضخمة قطيفة ومذهبة ونحن فوق كراس بلاستيك خفيفة محمولة.
وعندما تطفأ الأنوار وتضاء أنوار المسرح
بالتأكيد
سنحمل كراسينا ونتسلل
حتى نجلس فى أقرب بقعة لفيروز
ونغنى معها
بحبك يا فيروز